للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٩٣)

قال ابنُ جُزَيٍّ في تفسيرِ قولِه تعالى: ﴿وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِين (٩٩)[الصافات]:

(وقالت المتصوفة: معناه: إني ذاهب إلى ربي بقلبي، أي: مقبلٌ على الله بكليته، تاركٌ لما سواه) (١).

قوله: (قالت المتصوفة) إلخ، نقله هذا التأويل للآية عن الصوفية دون تعقب إقرارٌ له، وهذا التأويل في نفسه معنى حقٌّ؛ فلا ريب أن إبراهيم مقبلٌ على ربه بكليَّة قلبه، كيف وقد قال الله فيه: ﴿إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيم (٨٤)[الصافات]؟! لكنْ جعْلُ هذا المعنى تفسيرا للآية ليس بمستقيم؛ لأنه خلاف تفسير السَّلف للآية؛ فالسَّلف ومن تبعهم على أن المراد بالآية الهجرةُ من العراق إلى الشام (٢)، فقوله في الصافات: ﴿وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِين (٩٩)﴾، هو المذكور في سورة العنكبوت: ﴿وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم (٢٦)﴾، فالآيتان في هجرة البدن، لا في هجرة القلب؛ فإبراهيم لم يزل مهاجراً إلى ربه بقلبه.


(١) «التسهيل» (٣/ ٦٧٦).
(٢) ينظر: «تفسير الطبري» (١٩/ ٥٧٦ - ٥٧٧)، و «المحرر الوجيز» (٧/ ٣٠٠)، و «زاد المسير» (٣/ ٥٤٦).

<<  <   >  >>