للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحديث، والأدب، وتولَّى الخَطابَةَ بالمسجِدِ الأعْظَمِ في بلدِهِ على حَداثَةِ سِنِّه، فاتُّفِقَ على فضْلِهِ واشْتُهِر جِدُّهُ وعِلْمُه.

وكان ابن جزي في الأصْلِ فقيهًا مالِكيًّا، خَلا أنَّه لمْ يتقيَّدْ بالمذهَبِ، بلْ خَرجَ مِنْ رِبْقَةِ التَّقليد، وأخذ بما دَلَّ عليه الدَّليل، وكان هذا سبَبًا في عدَمِ اشتهارِ كتابِهِ في الفقْهِ في الأوساط العِلميَّةِ عندهم.

وقدْ تفرَّغَ ابنُ جُزيٍّ لتدريس العلم وتدوينه، كما أنَّهُ وَلِيَ بعضَ الوظائف؛ كالخَطابَةِ في جامعِ غَرناطَةَ الأعْظَمِ مَعَ حَداثَةِ سِنِّه، واتفقوا على أهليَّتِه وفضْلِه لهذا المنْصِب، ولم يُعبْ عليهِ شيءٌ في أيّام خَطابته، وكان مِنْ المفتين في غَرناطة.

وقد تخرَّجَ بابْنِ جزي كثيرٌ مِنْ العلماء الأفذاذ؛ فكان مِنْ طلبته الوزراءُ والقضاةُ والفقهاء والعلماء والكُتَّاب والدُّعاة، وممن أَخَذ عنه وانتفع به وتخرَّجَ به: أبناؤه الثلاثة: محمد وأحمد وعبد الله، ولسانُ الدِّينِ ابنُ الخطيب ذو الوزارتين الشاعر الأديب، وغيرهم.

وقد تَرَك ابنُ جزيٍّ ميراثًا أبقى له ذكرًا وثناءً حسنًا في الناس مِنْ تصانيفَ نافعةٍ كثيرة في فنون عِدَّة، وكان لعَقِبِهِ الصالحِ وغيرِهم سببٌ في المحافظة على بعضِ آثاره العلمية، لاسيما تلميذُهُ ابنُ الخطيبِ الذي نوَّهَ بتآليفِ شيخِهِ، وذَكَر شيئًا مِنْ أدَبِهِ وشعرِهِ.

ومِن أشهَرِ مصنفاته:

١ - «التَّسهيل لِعُلومِ التَّنْزيل»، وهو مِنْ آخرِ ما ألَّف ابنُ جزي، إِنْ لم يكنْ آخرَهَا على الإطلاق. وهو تفسيرٌ مختصرٌ جمَعَ فيه بين

<<  <   >  >>