للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٣٨)

قال ابنُ جُزَيٍّ في تفسيرِ قولِه تعالى: ﴿وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللّهُ﴾ [آل عمران: ٥٤]:

(وعبَّر عن فعلِ اللهِ بالمَكْرِ؛ مشاكَلةً لقولِه: ﴿وَمَكَرُوا﴾) (١).

قولُه: (عبَّر عن فعلِ اللهِ بالمَكْرِ … )، إلخ:

معناه: أنَّ اللهَ سمَّى ما يفعَلُهُ بالكافِرِينَ مِنْ العقوبةِ: مَكْرًا؛ مشاكَلةً لفظيَّة؛ ليوافِقَ مكرَ الكافِرِينَ بالرسولِ والمؤمِنِينَ في الاسمِ؛ فيكونُ الجزاءُ مِنْ جنسِ العمَلِ لفظًا.

وهذا خطأٌ، والحامِلُ عليه عند المؤلِّفِ وغيرِهِ: استقباحُ إضافةِ المكرِ إلى اللهِ حقيقةً؛ بناءً على اعتقادِ أنَّ المكرَ كلَّه مذمومٌ، وليس كذلك؛ بل مِنْ المكرِ ما هو محمودٌ، وهو ما كان على وجهِ المجازاةِ عَدْلًا (٢)، ومِن هذا: مَكْرُ اللهِ بأعدائِهِ وأعداءِ رسلِه، جزاءً وِفَاقًا، وسُنَّةُ الله أن يكونَ الجزاءُ مِنْ جنسِ العمَل.


(١) «التسهيل» (١/ ٥٤٥).
(٢) ينظر: «مجموع الفتاوى» (٧/ ١١١)، و «بيان تلبيس الجهمية» (٥/ ٤٠٣)، و «مختصر الصواعق» (٢/ ٧٣٧).

<<  <   >  >>