للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [المجادلة: ١١]، ﴿وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ﴾ [سبأ: ٦]، وأثنى تعالى على المتفكرين في الآيات بالعلم دون المعرفة، فقال تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِين (٢٢)[الروم]، وأثنى الله على نفسه بالعلم دون المعرفة، وهو العليم، وعالم الغيب، ويعلم ما في السماوات والأرض، فمن أسمائه العليم، دون العارف. قيل من الفرق بين العلم والمعرفة: إن المعرفة لا تكون إلا بعد جهل (١)، والعارف مصطلح صوفي لا يعرف في كلام السلف في الثناء به على الراسخين في العلم، ومعناه عند أرباب التصوف من بلغ الغاية في معرفة الله حتى شهد اللهَ في كل شيء، وهذه حقيقة وحدة الوجود (٢)، ولا ريب أن ابن جزي لا يريد بالعارف هذا المعنى، بل قد فسَّره، وأبان مراده بقوله: القادر على إقامة البراهين على وَحدانية الله، وهذا معنى حسن، وهو يؤول إلى التمكن في العلم بالحجج الدالة على وجوده تعالى ووحدانيته، وصار المأخذ على المفسِّر هو العدول عن المعنى الواضح إلى لفظ مشتبه، لا أثر له في تفسير الآية، فكان الأولى أن يقول: أولو العلم هم العلماء بما بعث الله به رسله الذين يخشونه ولا يخشون أحدًا إلا الله، كما قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء﴾ [فاطر: ٢٨].


(١) ينظر: «مدارج السالكين» (٤/ ٢٨٠ - ٢٨١)، و «بدائع الفوائد» (٢/ ٤٨٦).
(٢) ينظر: «شرح المصطلحات الفلسفية» (١/ ٢٠٠)، و «درء التعارض» (٦/ ١٥٦)، و «الاستغاثة» (ص ١٥٦ - ١٥٧)، (ص ١٦١)، و «طريق الهجرتين» (٢/ ٧٣٥)، و «شرح كلمة الإخلاص» لشيخنا (ص ٧٩).

<<  <   >  >>