للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٤١)

قال ابنُ جُزَيٍّ عند تفسيرِ قولِهِ تعالى: ﴿وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُون (١٦٠)[آل عمران]:

(واعلَمْ: أنَّ الناسَ في التوكُّلِ على ثلاثِ مَراتِبَ:

الأولى: أن يعتمِدَ العبدُ على ربِّه؛ كاعتمادِ الإنسانِ على وكيلِهِ المأمونِ عندَهُ الذي لا يَشُكُّ في نصيحتِهِ له، وقيامِهِ بمصالِحِه.

والثانية: أن يكونَ العبدُ مع ربِّه كالطِّفْلِ مع أمِّه؛ فإنه لا يَعرِفُ سواها، ولا يَلجَأُ إلَّا إليها.

والثالثة: أن يكونَ العبدُ مع ربِّه كالميِّتِ بين يَدَيِ الغاسلِ، قد أسلَمَ نَفْسَهُ إليه بالكليَّة.

فصاحبُ الدرجةِ الأولى: له حظٌّ مِنْ النَّظَرِ لنفسِهِ؛ بخلافِ صاحبِ الثانية. وصاحبُ الثانيةِ: له حظٌّ مِنْ المرادِ والاختيارِ، بخلافِ صاحبِ الثالثة.

وهذه الدرجاتُ مبنيَّةٌ على التوحيدِ الخاصِّ الذي تكلَّمنا عليه في قولِه: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ [البقرة: ١٦٣]؛ فهي تَقْوَى بقُوَّتِه، وتضعُفُ بضَعْفِه) (١).


(١) «التسهيل» (١/ ٥٩١ - ٥٩٢).

<<  <   >  >>