للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

المعتزِلةِ القائلِينَ بالأَجَلَيْنِ، وليس مذهبَ الأشعريَّة، وقد قال كَعْبٌ حين طُعِنَ عُمَرُ: «لَوْ دَعَا اللهَ، لَزَادَ فِي أَجَلِهِ»؛ فأنكَرَ الناسُ ذلك عليه؛ فاحتَجَّ بهذه الآيةِ (١).

والثالثُ: أنَّ التعميرَ: هو كَتْبُ ما يُستقبَلُ مِنْ العُمُر، والنقصَ: هو كتبُ ما مضى منه في اللوحِ المحفوظِ؛ وذلك في حَقِّ كلِّ شخص) (٢).

قولُ المؤلِّفِ في الوجهِ الثاني مِنْ وجوهِ مرجِعِ الضميرِ في قولِه: ﴿وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ﴾: إنَّ المرادَ: مَنْ يُعمَّرُ بسببٍ؛ كالصَّدَقةِ، أو يُنْقَصُ مِنْ عمرِهِ؛ لعدَمِ ذلك؛ فمَن تصدَّقَ أو وصَلَ رحمَهُ، زِيدَ في عمرِهِ، بخلافِ مَنْ ليس كذلك، واعترَضَ على هذا الوجهِ: بأنه يوافِقُ قولَ المعتزِلةِ القائلِينَ بالأجلَيْنِ، وأنه خلافُ قولِ الأشاعِرةِ.

ولا شكَّ: أنَّ قولَ المعتزِلةِ بأنَّ للإنسانِ أجلَيْنِ مكتوبَيْنِ؛ أحدُهما معلَّقٌ على سببٍ، وهذا السبَبُ غيرُ معلومٍ لله، وغيرُ مكتوبٍ.

ولا ريبَ أنَّ هذا القولَ باطلٌ.


(١) أخرجه معمر بن راشد في «جامعه» (٢٠٣٨٦)، والفريابي في «القدر» (٤٤٢) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب، قال: لما طعن عمر قال كعب: «لو دعا عمر لأخر في أجله».
ولفظ الفريابي: «لو دعا الله عمر لأخر في أجله».
وأورده - باللفظ الذي ذكره ابن جزي - النحاس في «معاني القرآن» (٥/ ٤٤٥) فقال: «وروى الزهري عن سعيد بن المسيب عن كعب الأحبار … »، وذكره.
(٢) «التسهيل» (٣/ ٦٠٧ - ٦٠٨).

<<  <   >  >>