وهذا ضعيفٌ؛ لأنَّ قولَه: ﴿فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾، وقَعَتْ فيه لفظةُ «في» الظرفيَّة الحقيقيَّة وهي في حقِّ اللهِ على هذا المعنى للظرفيَّةِ المجازيَّةِ، ولا يجوزُ استعمالُ لفظةٍ واحدةٍ في الحقيقةِ والمجازِ في حالةٍ واحدةٍ عند المحقِّقين.
الجوابُ الثالث: أنَّ قولَه: ﴿مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾، يرادُ به: كلُّ موجودٍ؛ فكأنه قال: مَنْ في الوجودِ؛ فيكونُ الاستثناءُ على هذا متصِلًا، فيَصِحُّ الرفعُ على البدَلِ.
وإنما قال: ﴿مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾؛ جَرْيًا على منهاجِ كلامِ العرَب؛ فهو لفظٌ خاصُّ يرادُ به ما هو أعَمُّ منه.
الجوابُ الرابع: أن يكونَ الاستثناءُ متصِلًا على أن يُتأوَّلَ: ﴿مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ﴾ في حقِّ الله؛ كما يُتأوَّلُ قولُه: ﴿أَأَمِنتُم مَنْ فِي السَّمَاء﴾ [الملك: ١٦]، وحديثُ السوداءِ، وشبهُ ذلك) (١).
قولُ المؤلِّفِ ﵀:(واللهُ تعالى ليس ممَّن في السماواتِ والأرضِ باتفاقٍ … )، إلخ:
بنى المؤلِّف على قولِه:(إنَّ الله تعالى ليس ممَّن في السماواتِ والأرضِ باتفاقٍ): أنَّ الاستثناءَ في قولِه تعالى: ﴿إِلاَّ اللَّهُ﴾ منقطِع، وهو يقتضي نصبَ الاسمِ الشريف، والقراءةُ بالرفعِ، وذكَرَ عن هذا الإشكال