للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

قوله: (إلَّا أن الكفر في حق المسلمين كفر معصية لا يخرجهم عن الإيمان) في هذا الإطلاق نظر؛ فإن حكم المسلم بغير شرع الله له أحوال: منها ما هو كفر أكبر، أي: ردة عن الإسلام، وذلك إذا اتخذ قانونًا بدلًا عن الشريعة، يحكم بهذا القانون، ويفرض الحكم به والتحاكم إليه، ولو خالف حكم الشريعة. وتارة يحكم القاضي المسلم في قضية جزئية بخلاف ما يعلمه من حكم الشريعة لهوًى من محاباة صديق أو قريب، أو لرشوة تبذل له، فهذا معصية، ويمكن أن يقال: كفر دون كفر، وعليه ينزَّل قول ابن عباس في الآية: «كفر دون كفر» (١)، وقد فات المفسِّرَ مراعاة هذا التفصيل الذي نبَّه عليه بعض أهل العلم في هذا العصر؛ لما ابتليت به الأمة في كثير من البلاد الإسلامية من تحكيم القوانين المخالفة لشريعة الإسلام، وإعطاء هذه القوانين كل ما يجب بشريعة الله من وجوب الحكم بها، والتحاكم إليها، والرضا، وعقوبة من خالفها، وفي حكم من وضع القانون وفرضه مَنْ رضي


(١) أخرجه الحاكم (٣٢١٩)، ومن طريقه البيهقي في «السنن» (١٥٨٥٤)، عن أحمد بن سليمان الموصلي، ثنا علي بن حرب، ثنا سفيان بن عيينة، عن هشام بن حجير، عن طاووس، قال: قال ابن عباس : إنه «ليس بالكفر الذي يذهبون إليه، إنه ليس كفرًا ينقل عن الملة، ﴿وَمَنْ لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُون (٤٤)﴾ [المائدة]، كفر دون كفر. قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه».
وهشام بن حجير صدوق له أوهام. «التقريب» (٧٢٨٨)، وله شواهد بنحوه عن ابن عباس وعطاء وطاوس. ينظر: «تفسير عبد الرزاق» (٧١٧)، وتفسير سعيد بن منصور (٧٤٩)، و «تعظيم قدر الصلاة» (٢/ ٥٢١ - ٥٢٢)، و «تفسير الطبري» (٨/ ٤٦٣ - ٤٦٦)، و «الصحيحة» (٢٥٥٢).

<<  <   >  >>