للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

قوله: ( .. ثم أقام عليهِ الحجةَ بقوله: ﴿قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِين (٧٦)﴾ أي: لا أحب عبادةَ المتغيِّرين؛ لأن التغيُّرَ دليلٌ على الحدوثِ)، إلخ، عليه في هذا الكلام مأخذان:

أحدهما: تفسير الأفول بالتغيُّر، وهو من التَّفسيرِ باللازم؛ فإنَّ أفلَ في اللغة بمعنى: غاب (١)، والأُفُولُ هو: الغيابُ بعْدَ الظُّهور، فعليه؛ يكون ﴿قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِين (٧٦)﴾ أي: الغائبين بعد الظهور (٢).

الثاني: جزمُه بأنَّ كلَّ متغيِّرٍ محدَثٌ؛ فيقتضي ذلك نفيَ التغيُّرِ عن اللهِ، وابنُ جزي وأمثالُه يطلقون نفيَ التغيُّرِ عنِ الله بهذه الشُّبهة (٣)،


(١) ينظر: «الصحاح» (٤/ ١٦٢٣)، و «لسان العرب» (١١/ ١٨).
(٢) ينظر: «تفسير الطبري» (٩/ ٣٥٦).
(٣) أورد ابنُ القيم تأويلَ المتكلمين للحركة بالأفول في النوع الرابع من أنواع التأويل الباطل: «ما لم يُؤلف استعمالُهُ في ذلك المعنى في لغة المخاطَب وإن أُلِفَ في الاصطلاح الحادث». ثم قال: وهذا موضعٌ زلَّت فيه أقدامُ كثيرٍ من الناس؛ حيث تأوَّلوا كثيرًا من ألفاظ النصوص بما لم يُؤلف استعمالُ اللفظ له في لغة العرب البتة، وإن كان معهودًا في اصطلاح المتأخرين، وهذا مما ينبغي التنبُّهُ له؛ فإنه حصل بسببه من الكذب على الله ورسوله ما حصل، كما تأولت طائفة قوله تعالى: فَلَمَّا أَفَلَ﴾ [الأنعام: ٧٦]. بالحركة، وقالوا: استدل بحركته على بطلان ربوبيته، ولا يعرف في لغة العرب التي نزل بها القرآن أن الأفول هو الحركة في موضع واحد البتة». «الصواعق المرسلة» (١/ ٣٠).
وينظر إبطال استدلالهم بقصة إبراهيم على ما يدعونه من دليل حدوث الأجسام: «نقض الدارمي» (١/ ٣٥٧)، و «مجموع الفتاوى» (٦/ ٢٥٢) و (٦/ ٢٨٤)، و «درء التعارض» (١/ ١٠٩) و (١/ ٣١٠) و (٨/ ٣٥٥ - ٣٥٦، ٩/ ٨٢ - ٨٤)، و «منهاج السنة» (١/ ٢٠٢) و (٢/ ١٩٣)، و «بغية المرتاد» (ص ٣٥٨)، و «شرح حديث =

<<  <   >  >>