للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأن مبنى الرجاء حسنُ الظن بالله، وقد ورد ذكر الرجاء في القرآن في آيات كثيرة، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيم (٢١٨)[البقرة]، وقال سبحانه: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (١١٠)[الكهف]، وقال سبحانه: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (٢١)[الأحزاب]، وقال: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا (٥٧)[الإسراء].

وقد جعل المفسِّر الرجاء ثلاث درجات باعتبار ما يُحمد وما يُذم: فالمحمود منها هو الدرجة الأولى، وهو الرجاء مع التصديق بالعمل، والثانية مذمومة؛ لأنه رجاء مع التفريط، فهو رجاء كاذب، وحقيقته التمنِّي، والدرجة الثالثة قال فيها المفسِّر: حرام؛ لأنه متضمِّن لعدم الخوف من الله، وحقيقته الأمن من مكر الله، وهو من كبائر الذنوب، واقتصار المؤلف فيه على مطلق التحريم تقصير.

ثم جعل الناس في الرجاء ثلاثة مقامات، وذلك باعتبار متعلَّق الرجاء عندهم؛ وهي: مقام العامة، ومقام الخاصَّة، ومقام خاصَّة الخاصَّة، وفي هذا التقسيم جرى المؤلف على طريقة الصوفية بذكر الخاصَّة وخاصَّة الخاصَّة، وهو تعبير لا يعرف في كلام السلف من الصحابة والتابعين، وأيضًا: لم يحرر المؤلف متعلَّق الرجاء، ولم يذكر دليله؛ فإنَّ رضا الله ولقاءه - وهما مطلب أهل المقام الثاني والثالث - داخلان في المعنى العام للثواب الذي جعله المؤلف مطلب أهل

<<  <   >  >>