للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقول المفسِّر: إن الأشاعرة استدلوا على جواز الرؤية عقلا بسؤال موسى رؤية ربه، فيه تقصير من وجهين:

أحدهما: تخصيص هذا الاستدلال بالأشاعرة؛ فأهل السنة يشاركونهم في ذلك.

الثاني: أن هذه الآية هي الدليل على إثبات الرؤية، ولمثبتي الرؤية من أهل السنة والأشاعرة أدلة كثيرة من الكتاب والسنة، كقوله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَة (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة (٢٣)[القيامة]، وقوله : ((إنكم سترون ربكم)) (١).

والحق أن المؤمنين يرون ربهم من فوقهم، كما يقتضيه قوله : ((إنكم سترون ربكم، كما ترون القمر، وكما ترون الشمس صحوا ليس دونها سحاب)) (٢)، وهذا من تشبيه الرؤية بالرؤية، لا تشبيه المرئي بالمرئي؛ فرؤية المؤمنين لربهم كرؤية الناس للشمس والقمر من وجوه؛ كعدم الإحاطة، والرؤية من فوق، والوضوح (٣)؛ لذلك فلا يضامون في رؤيته، ولا يضارُّون، كما جاء في الحديث (٤). والله أعلم.


(١) أخرجه البخاري (٥٥٤)، ومسلم (٦٣٣) عن جرير بن عبد الله البجلي ، وأحاديث الرؤية متواترة، رواها سبعة وعشرون صحابيًّا، ساقها ابن القيم. ينظر: «حادي الأرواح» (٢/ ٦٢٥ - ٦٨٥)، و «نظم المتناثر» (ص ٢٣٨، رقم ٣٠٧).
(٢) أخرجه بنحوه البخاري (٦٥٧٣)، ومسلم (١٨٢) عن أبي هريرة .
(٣) ينظر: «بغية المرتاد» (ص ٥٢٩)، و «بيان تلبيس الجهمية» (٤/ ٤٣٣)، و «درء التعارض» (١/ ٢٥٢)، و «شرح التدمرية» لشيخنا (ص ٢٧٥)، و «شرح الطحاوية» لشيخنا (ص ١١٦).
(٤) تقدم وهو تمام حديث جرير السابق.

<<  <   >  >>