عامة، ولا ريب أن الاختلاف في العقائد اختلاف تضاد، فما خرج عن الحق الذي قام عليه الدليل فهو باطل، وأما الاختلاف في الفروع فهو نوعان: اختلاف تضاد، واختلاف تنوع (١)؛ فما كان من اختلاف التضاد فيدخل في معنى الآية، مثل من يقول في شيء: هذا حلال، ويقول المخالف: بل هو حرام، فما كان منهما هو الحق فالآخر باطل؛ لقوله تعالى: ﴿فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلَالُ﴾، ومعلوم أنه لا يمتنع أن يكون الشيء حلالًا حرامًا من وجه واحد، ولا يكون لا حلالًا ولا حرامًا، وعليه فلا يكون المختلفان في اختلاف التضاد مصيبَيْن، ولا يكون كلٌّ منهما مخطئًا؛ لأنه في الأول ينتفي النقيضان، وفي الثاني يجتمع النقيضان، وخلاصة القول أن ما علم أنه الحق بالدليل، فما خالفه فهو باطل ولا بد، وعليه فتبقى الآية على إطلاقها، ﴿فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلَالُ﴾.
(١) ينظر نوعا الاختلاف وحكمهما مع ذكر الأمثلة في: «اقتضاء الصراط المستقيم» (١/ ١٤٨ - ١٦٥).