للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَأَنْتَ تَفْرِي مَا خَلَقْتَ وَبَعْ

ضُ الْقَوْمِ يَخْلُقُ ثُمَّ لَا يَفْرِي

وقد جاء المعنيانِ في القرآنِ فيما يضاف إلى الله، ولكن المعنى الأوَّل هو الأكثر، وشواهِدُهُ بتصاريفِ مادَّتِهِ لا تُحصَر:

قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ﴾ [ق: ٣٨]، ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ﴾ [الأنبياء: ٣٣]، ﴿وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ﴾ [فصلت: ٣٧]، ﴿خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّار (١٤)[الرحمن]، ﴿خَلَقَكُمْ مِنْ نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ [النساء: ١].

ومِن الخَلْقِ بمعنى التقديرِ: قولُهُ تعالى: ﴿هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ﴾ [الحشر: ٢٤]؛ فالخالقُ: هو المقدِّرُ لما يريدُ إيجادَهُ، والبارئُ: هو المُخرِجُ لِمَا قدَّره إلى الوجودِ.

ويَحتمِلُ المعنيَيْنِ قولُهُ تعالى: ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِين (١٤)[المؤمنون].

ولم يأتِ في القرآنِ «الخَلْقُ» مضافًا إلى غيرِ الله؛ إلا ما جاء في الخبَرِ عن عيسى : ﴿وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي﴾ [المائدة: ١١٠]، والأظهَرُ: أنَّ الخَلْقَ هنا بمعنى التقديرِ؛ فهو لا يُوجِدُ طيرًا، وإنما يَخلُقُ ما هو كهَيْئةِ الطَّيْرِ؛ فينفُخُ فيه؛ فيكونُ طَيْرًا بإذنِ الله.

وبهذا يُعلَمُ: أنه لم يأتِ «الخَلْقُ» بمعنى الإيجادِ في القرآنِ مضافًا لغيرِ اللهِ مطلَقًا، ولا يُستعمَلُ في لسانِ المسلِمِينَ إضافةُ الخَلْقِ لغيرِ

<<  <   >  >>