للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

علَّمه تعالى ما يستحِقُّهُ من الإلهيَّة والربوبيَّة والتنزيه عن الشركِ في قولِه: ﴿فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (١٣) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (١٤)[طه]، وقولِه: ﴿إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِين (٣٠)[القصص].

وأمَّا قولُ المؤلِّفِ: (أو يكونَ مستأنَفًا؛ وعلى كلا الوجهَيْنِ: قُصِدَ به تنزيهُ اللهِ):

فهذا القَدْرُ مِنْ عبارتِهِ صحيحٌ، ولا إشكالَ فيه؛ ولكنه - عفا الله عنه - قيَّد التنزيهَ بقولِه: (مما عسى أن يخطُرَ ببالِ السامعِ في معنى النداءِ … )، إلخ، وقد أجمَلَ وأبهَمَ ما عسى أن يخطُرَ ببالِ السامعِ مِنْ معنى النداءِ، وكذا لم يوضِّحْ ما قاله بعضُ الناسِ في الآيةِ مما يجبُ تنزيهُ اللهِ عنه.

ولهذا صار كلامُهُ غامضًا لا يفيدُ السامعَ معنى محدَّدًا، ولا يَفهَمُ مرادَهُ إلا مَنْ يَعرِفُ مذهبَهُ في كلامِ الله.

وإذْ قد عُلِمَ مما تقدَّم: أنَّ المؤلِّفَ على طريقةِ الأشاعرةِ، ومذهبُ الأشاعرةِ في كلامِ اللهِ: أنه معنًى نفسيٌّ قديمٌ، ليس بصوتٍ ولا حرفٍ، ولا يكونُ بمشيئتِهِ (١) -: فالذي يَحذَرُهُ المؤلِّفُ: أن يُفهَمَ مِنْ لفظِ النداءِ: أنَّ كلامَهُ تعالى بصوتٍ؛ لأنَّ النداءَ: هو الخطابُ بصوتٍ رفيعٍ مسموعٍ، ومذهَبُ أهلِ السُّنَّةِ: أنَّ كلامَ اللهِ يكونُ بصوتٍ، مناداةً ومناجاةً؛ فاللهُ نادى موسى وناجاه (٢).


(١) ينظر: هامش التعليق رقم (٦٨).
(٢) ينظر: هامش التعليق رقم (٦٨).

<<  <   >  >>