أحدُهما: أنه تعالى داخلٌ في المخلوقات؛ أي: أنَّه تعالى حالٌّ فيها؛ فهو في كلِّ مكان؛ وهذا قولُ حلوليَّةِ الجهميَّة.
الثاني: أنه تعالى لا داخِلَ العالَمِ ولا خارِجَهُ؛ وهو قولُ معطِّلةِ الجهميَّةِ ونفاتِهِمْ؛ وقد ذكره المؤلِّفُ عن نفاةِ الجهة.
وكلا القولين باطل، والثاني أبطل؛ فإنه مع مناقضتِهِ للسمعِ، مناقِضٌ للعقلِ أظهَرَ مناقضة؛ فإنَّ مِنْ الممتنِعِ أن يكونَ موجودٌ لا داخِلَ العالَمِ ولا خارجَه؛ فإنَّ ذلك مِنْ سَلْبِ النقيضَيْنِ الذي لا يصحُّ إلا في المعدومِ، فإذا أُضِيفَ إلى ذلك: أنه موجودٌ، تضمَّن أنه موجودٌ معدومٌ؛ وهذا جمعٌ بين النقيضَيْنِ، الذي هو أحدُ الممتنِعاتِ المُتَّفَقِ عليها، والقولُ بنفيِ الجهةِ وما تفرَّع عنه هو المشهورُ مِنْ مذهبِ الأشاعِرة (١).