للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا الذي شرحه المؤلف هو قول جمهور المفسرين، وهو المروي عن ابن عباس، كما ذكره المؤلف (١)، وذكر أن موجَب هذا أن الكلم الطيب لا يُقبل إلا ممَّن له عمل صالح، ونقل الاعتراض عليه عن ابن عطية؛ وعبارة ابن عطية في هذا: «هذا قول يرده معتقد أهل الحق والسنة، ولا يصح عن ابن عباس، والحق أن العاصي التارك للفرائض إذا ذكر الله تعالى وقال كلامًا طيبًا؛ فإنه مكتوب له متقبل منه، وله حسناته وعليه سيئاته» اه (٢)، وما قاله ابن عطية من معتقد أهل السنة أن الله يقبل العمل الصالح من العبد صحيح، ولكن في وروده على التفسير المشهور للآية نظر؛ فالله يقبل عمل العبد وإن كان عاصيًا ما اتقى الشرك، واتقى الله في عمله المعيَّن؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِين (٢٧)[المائدة] (٣)، وذكر المؤلف القولين الآخرين؛ أحدهما: أن ضمير الفاعل يعود إلى الله، فهو سبحانه الذي يرفع العمل الصالح ويقبله، والثاني: أن ضمير الفاعل يعود إلى الكلم، أي: الكلم يرفع العمل الصالح، وهذان القولان ضعيفان؛ إذْ مقتضاهما نصب العمل على الاشتغال، وهذا لم يُقرأ به إلا في بعض القراءات الشاذة (٤)، وبهذا يترجح القول الأول المرويُّ عن السلف عن ابن عباس وغيره،


(١) ينظر: «تفسير الطبري» (١٩/ ٣٣٨ - ٣٤٠)، و «زاد المسير» (٣/ ٥٠٧)، و «تفسير ابن كثير» (٦/ ٥٣٧).
(٢) ينظر: «المحرر الوجيز» (٧/ ٢٠٦).
(٣) ينظر: «الإيمان الأوسط» (ص ٣٤٧)، «مجموع الفتاوى» (١٠/ ٣٢٢)، (١١/ ٦٦٢)، و «منهاج السنة» (٥/ ٢٩٦)، (٦/ ٢١٦). وينظر: التعليق رقم (٤٥).
(٤) هي قراءة عيسى بن عمر وابن أبي عبلة. ينظر: «مختصر شواذ القراءات» لابن خالويه (ص ١٢٤)، و «شواذ القراءات للكرماني» (ص ٣٩٤ - ٣٩٥).

<<  <   >  >>