للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولكن نفي الأول يستلزم نفي الثاني، ولعل تصريح الآيات بنفي الأول، أي: مماثلة المخلوق للخالق؛ لأنه هو الواقع من المشركين، فكل من عبد مع الله غيره فقد جعله مثلاً لله، ومن ذلك شرك النصارى؛ فإنهم جعلوا المسيح إلها، كما أخبر الله عنهم بقوله: ﴿لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾ [المائدة: ١٧]. فقول ابن جزي في الآية: «تنزيهٌ لله تعالى عن مشابهة المخلوقين» هذا ما تدل عليه الآية بطريق اللزوم، أما منطوق الآية فهو تنزيه الله أن يماثله شيء من المخلوقين، فلو قال ابن جزي: تنزيه لله أن يماثله شيء من المخلوقين، كان أولى؛ ليوافق منطوق الآية (١)، والآية دالة على نفي التشبيه بنوعيه؛ فتدل على نفي الأول بدلالة المنطوق، وعلى نفي الثاني: بطريق اللزوم، كما تقدم، ومع ذلك فعبارة ابن جزي تحتمل المعنيين؛ لجواز إضافة المصدر إلى فاعله وإلى مفعوله.


(١) ينظر: «بيان تلبيس الجهمية» (١/ ٣٨٧)، (٣/ ١٣٤ - ١٣٦)، (٦/ ٤٨٥) وما بعده، و «جواب الاعتراضات المصرية» (ص ١٥٢)، و «مجموع الفتاوى» (٣/ ١٦٦)، و «درء التعارض» (٥/ ٣٢٧).

<<  <   >  >>