للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: (والإحسانُ صفةُ فعلٍ)، والذين يقولون هذا يريدونَ: ما يخلُقُهُ اللهُ مِنْ النِّعَم؛ فالرحمةُ - إِذَنْ - عبارةٌ عن مخلوقاتِهِ سبحانه، وإن سمَّوْهَا: «صفةَ فعلٍ»، فهو غلَطٌ في العقل؛ فإنَّ المفعولَ لا يكونُ صفةً للفاعلِ، بل أثَرُ فِعْلِه، وهم لا يُثبِتُونَ فعلًا يقومُ بالفاعلِ بمشيئتِه؛ فليس عندهم إلا فاعلٌ ومفعول.

وقد يفسِّرون «الرحمةَ»: بإرادةِ الإحسانِ؛ وعليه فهي صفةٌ ذاتيَّةٌ؛ كما قال المؤلِّف؛ أي: أنَّها قائمةٌ بذاتِهِ تعالى (١).

وكلٌّ من التفسيرَيْنِ فيه صرفٌ للَّفْظِ عن ظاهرِه (٢)؛ فإنَّ الرحمةَ لها معنى يقابِلُ الغضَبَ؛ كما جاء في الحديثِ القُدسيِّ: ((إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي)) (٣).

قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة في «العقيدة التدمريَّة» (٤)، في الذين ينفُون صفةَ الرحمةِ والمحبَّةِ، والغضَبِ والرضا: «إنَّهم يفسِّرونَ ذلك: إمَّا بالإرادةِ، وإمَّا ببعضِ المفعولاتِ مِنْ النِّعَمِ والعُقُوبات». اه.

وعليه: فالواجبُ إثباتُ الرحمةِ صفةً للهِ حقيقةً، وتفسيرُها بالإحسانِ تفسيرٌ لها بأَثَرِها.

والرحمةُ في صفاتِ اللهِ نوعانِ:


(١) ينظر: «بيان تلبيس الجهمية» (١/ ٥٢١).
(٢) ينظر: «مختصر الصواعق المرسلة» (٣/ ٨٦٠)
(٣) أخرجه البخاري (٧٤٢٢)، ومسلم (٢٧٥١)؛ من حديث أبي هريرة .
(٤) «العقيدة التدمرية» (ص ٣١).

<<  <   >  >>