فإنْ كان الإرشادُ عنده بمعنى: دَلَلْناهُ، فهو بمعنى البيانِ؛ وهو المعنى الأوَّلُ الذي ذكَرَهُ المؤلِّف.
وإنْ كان بمعنى: دَعَوْناهُ إليه، فلا يصحُّ؛ فإنه تعالى لا يدعو إلا إلى سبيلِ الحقِّ، وطريقِ الخير.
وعلى هذا: فالصوابُ: أنَّ «الهُدَى» بمعنى البيانِ، وهو المعنى الأوَّلُ الذي قدَّمه المؤلِّف.
وقولُه: ﴿قُلْ كُلًّ مِّنْ عِنْدِ اللّهِ﴾ [النساء: ٧٨]؛ أي: الهُدَى والضلالُ، والكفرُ والإيمانُ؛ كلٌّ مِنْ عندِ الله؛ أي: بقَدَرِهِ ومشيئتِه، وهذا هو معنى الإيمانِ بالقَدَرِ خيرِهِ وشرِّه.
وقولُه:(ومَوهِبةِ العقلِ الذي يُميَّزُ به بينَهما)، لعلَّه يريدُ: أنَّ العقلَ مما يُميَّزُ به بين طريقِ الخيرِ وطريقِ الشرِّ، لا أنه يستقِلُّ بذلك، بل التمييزُ التامُّ بين الطريقَيْنِ إنما يكونُ بما بعَثَ اللهُ به رسولَهُ مِنْ الهُدَى ودِينِ الحقّ: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم (٥٢)﴾ [الشورى].