للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

سلَكَ المؤلِّفُ في تقسيمِ مراتبِ الشُّكْرِ والتعبيرِ عنها طريقَ الصوفيَّة، وفي كلامِهِ هذا عِدَّةُ مآخِذَ:

الأوَّل: قولُهُ: (إنَّ الشكرَ على النعمِ درجةُ العوامِّ):

بل الشكرُ على النعمِ مِنْ شأنِ العوامِّ والخواصِّ مِنْ المؤمنين، وقد أثنى الله على إبراهيم ؛ فقال: ﴿شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ﴾ [النحل: ١٢١]، ولما ذكَر الله ما أعطى سليمانَ مِنْ تسخير الجِنِّ والرِّيح، قال: ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا﴾ [سبأ: ١٣].

الثاني: زعمُهُ أنَّ درجةَ الخواصِّ الشكرُ على النِّقَم:

هذا لا يصحُّ؛ فإنه لم يأتِ في الكتابِ ولا في السُّنَّةِ تعلُّقُ الشكرِ بالنقم، وإنما الذي ورَد الحمدُ؛ فيقالُ: له الحَمْدُ على كلِّ حال، وأمَّا الشكرُ، فمتعلَّقُهُ النِّعَم، وشواهدُ هذا في القرآنِ كثيرة (١).

الثالث: قولُهُ في الدرجةِ الثالثةِ: «إنَّها درجةُ خواصِّ الخواصِّ»، وفسَّرها بأن يَغِيبَ عن النِّعْمةِ بمشاهَدةِ المُنعِم:

هذا مِنْ جنسِ ما سيأتي في درجاتِ الذِّكْرِ عند المؤلِّف؛ حيثُ جعَل أعلى درجاتِ الذِّكْرِ الفناءَ، وهي أنْ يَغِيبَ باللهِ عن كلِّ ما سوى الله؛ حتى عن نَفْسِه. وسيأتي أنَّ مقامَ الفناءِ ليس بكمالٍ، بل هو نقصٌ (٢).


(١) ينظر: «مدارج السالكين» (٢/ ٢٣٦)، و «شرح التدمرية» لشيخنا (ص ٢٩).
(٢) ينظر: التعليق (٢٥).

<<  <   >  >>