وأكثَرُ ما يأتي ذِكْرُ المخلوقاتِ في القرآنِ: في مَعرِضِ الاستدلالِ على وجودِهِ تعالى، أو على وحدانيَّته) (١).
قولُهُ:(لأنَّه لا خالقَ إلَّا هو):
هذا توجيهٌ لدَلَالةِ المخلوقاتِ على أنه واحدٌ؛ وهذا ليس بجيِّد في صياغةِ الاستدلال؛ لأنه تعليلٌ للشيءِ بنَفْسِه؛ فكأنه قال:«دلَّت على أنه واحدٌ؛ لأنه واحدٌ»؛ ولا يخفى ما فيه.
وقولُهُ:(وأكثَرُ ما يأتي ذِكْرُ المخلوقاتِ في القرآنِ: في مَعرِضِ الاستدلالِ على وجودِهِ تعالى، أو على وحدانيَّته):
في هذا نظَرٌ؛ فإنَّ المخاطَبِينَ ليسوا جاحِدِينَ لوجودِ الله؛ بل مُشرِكِينَ في العبادة؛ فالمقصودُ الأوَّلُ مِنْ ذكرِ المخلوقاتِ: الاستدلالُ بها على توحيدِ الإلهيَّة، وهم يُقِرُّونَ بأنه الخالِقُ لهذه المخلوقاتِ؛ فاحتُجَّ عليهم بما أقَرُّوا به على ما أنكَرُوهُ مِنْ توحيدِ الإلهيَّة؛ ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُون (٣٥)﴾ [الصافات]، ﴿أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا﴾ [ص: ٥]، ولمَّا قال تعالى: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيم (١٦٣)﴾ [البقرة]، أتبَعَ ذلك بقولِه: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِنْ مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُون