وعلى هذا: فتفسيرُ «قضى»: ب «أَمْضَى»، في قولِهِ تعالى: ﴿وَإِذَا قَضَى أَمْراً﴾ [البقرة: ١١٧]-: أظهَرُ؛ لأن المعنى: إذا أرادَ اللهُ كَوْنَ ما سبَقَ في علمِهِ وإرادتِهِ وكتابِهِ، قال له:«كُنْ»، فيَكُونُ؛ وهذا هو معنى الإمضاء؛ أي: إتمامُ الأمرِ الذي قدَّره اللهُ في علمِهِ وإرادتِهِ وكتابِه (١).
ولهذا أقولُ: ما وجَّه به المؤلِّفُ ابنُ جُزَيٍّ اختيارَهُ، وهو أنَّ معنى «قَضَى»: أَمْضَى -: وجيهٌ.
ويأتي «قضى» في القرآنِ مضمَّنًا معنى «أَوْحَى» أو «أوصَى»؛ كما قال تعالى: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاء مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِين (٦٦)﴾ [الحجر]، وقال سبحانه: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ﴾ [الإسراء: ٤].
كما يأتي «القضاءُ» بمعنى: الحُكْمِ، شاملًا للمعنيَيْنِ: الكونيِّ، والشرعيِّ؛ كقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ﴾ [غافر: ٢٠].