للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي الحديث إلى رتبة الحافظ ابن حجر، وأفتيت من مستهل سنة إحدى وسبعين، وعقدت إملاء الحديث من مستهل سنة اثنتين وسبعين، ورُزقت التبحر في سبعة علوم: التفسير، والحديث، والفقه، والنحو، والمعاني، والبيان، والبديع، على طريقة العرب والبلغاء لا على طريقة العجم وأهل الفلسفة، والذي أعتقده أن الذي وصلت إليه من هذه العلوم السبعة سوى الفقه والنقول التي اطلعت عليها - لم يصل إليه، ولا وقف عليه أحد من أشياخي فيه أوسع نظرًا، وأطول باعًا.

ودون هذه السبعة في المعرفة: أصول الفقه، والجدل، والتصريف، ودونها الإنشاء، والترسل، والفرائض، ودونها القراءات، ولم آخذها عن شيخ، ودونها الطب، وأما علم الحساب فهو أعسر شيء عليَّ وأبعد عن ذهني، وإذا نظرت إلى مسألة تتعلق به فكأنما أحاول جبلًا أحمله!!

وقد كَلُمت عندي آلات الاجتهاد بحمد الله تعالى، أقول ذلك تحدثًا بنعمة الله عليَّ لا فخرًا، وأي شيء في الدنيا حتى يُطلب تحصيله بالفخر!! وقد أزف الرحيل، وبدا الشيب، وذهب أطيب العمر، ولو شئت أكتب في كل مسألة مصنفًا بأقوالها وأدلتها العقلية والقياسية، ومداركها ونقوضها وأجوبتها، والموازنة بين اختلاف المذاهب فيها؛ لقدرت على ذلك من فضل الله، لا بحولي ولا بقوتي، فلا حول ولا قوة إلا بالله.

وقد كنت في مبادئ الطلب قرأت شيئًا في المنطق، ثم ألقى الله كراهته في قلبي، وسمعت ابن الصلاح أفتى بتحريمه، فتركته لذلك فعوضني الله تعالى عنه علم الحديث الذي هو أشرف العلوم.

وأما مشايخي في الرواية سماعًا وإجازةً فكثير، أوردتهم في المعجم الذي

<<  <   >  >>