للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منقطعٌ أو معضلٌ أو مرسلٌ، وهو معنى قوله: " ويكُونُ المحفوظ عنه ما قابل الإسناد " أي أنَّ الصحيح المحفوظ عند الثقات غير المسند.

وقد أعل الإمام الدارقطني بهذه العلة بعض الأحاديث، نذكر منها على سبيل المثال:

المثال الأول: قال الإمام البرقاني: " وسئل - الدارقطني - عن حديث أبي بكر بن حزم، عن أبي سعيد - رضي الله عنه -: ((سَأَلُوا رسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا: إنَّا لَنَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا شَيْئَاً لأَنْ يَهْوي أَحَدَنَا مِنَ الرُّبَا أَحَبُ إِلَيهِ أَنْ يَتَكَلَّم بِهِ، فَقَالَ: رسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَذَلِكَ مَحْضُ الإِيمَانِ)) (١).

فقال - الدارقطني -: يرويه الزهري، واختلف عنه، فرواه إبراهيم بن سعد عن الزهري، عن يحيى بن عمارة المازني أنَّه بلغه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورواه عنه جماعة من أصحابه.

ورواه أبو داود الطيالسي، عن إبراهيم بن سعد، فزاد فيه رجلا وجعله مسنداً، فقال عن الزهري، عن يحيى بن عمارة بن أبي حسن، عن عمه، عن النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وعمه عمرو بن أبي حسن وله صحبة ... " (٢).

قلتُ: والعلة التي أشار إليها الدارقطني أنَّ الحديث اختلف فيه عن الزهري، فرواه عنه إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن يحيى بن عمارة المازني أنَّه بلغه عن النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، أي أنَّه غير متصل، وتابعه على هذا الوجه جماعة من أصحاب الزهري، ثم رواه أبو داود الطيالسي عن إبراهيم بن سعد فزاد فيه رجلاً وجعله مسنداً، والمحفوظ خلاف ذلك، وهذا ما رجَّحه الدارقطني لهذا السبب.


(١) أخرجه من وجه آخر مجمل مسلم: في الجامع الصحيح (مع شرح النووي)،كتاب الإيمان، باب بيان الوسوسة في الإيمان، (ج١/ص٤٣٠)، برقم (١٣٣)، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
(٢) أبو الحسن الدارقطني: العلل، (ج١١/ ص٣٥٢ - ٣٥٣)، برقم السؤال (٢٣٣٥).

<<  <   >  >>