للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال - الدارقطني -: تفرد به محمد بن دينار الطاحي، عن هشام بن عروة، عن أبيه عن ابن الزبير، عن الزبير ووهم فيه، وغيره من أصحاب هشام يرويه، عن هشام عن أبيه، عن عبدالله بن الزبير، عن النَّبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لا يذكرون فيه الزبير ورواه ابن أبي مليكة، عن عبدالله بن الزبير، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصحيح لأنَّه زاد وهو المحفوظ عن عائشة " (١).

قلتُ: وواضح من المثال أنَّ الدارقطني رجَّح الرواية التي فيها عبدالله بن الزبير، عن عائشة، بدون ذكر الزبير، وحجة الدارقطني هي: تفرد محمد بن دينار الطاحي (٢)، وهو ضعيف لا يحتمل تفرده، وغيره من أصحاب هشام يرويه، عن هشام عن أبيه، عن عبدالله بن الزبير لا يذكرون فيه الزبير، فكان الحمل عليه من محمد بن دينار الطاحي، ولقد أشرنا من قبل إلى مسألة تفرد الراوي برواية الحديث خلاف أقرانه عن شيخه، ويعتبر التفرد من المعايير التي يقيس عليها النقاد المحدثين مدى حفظ الراوي لمرويَّاته من عدمه، وهنا تفرد محمد بن دينار الطاحي بذكر الزبير في الإسناد فأخطأ، وقد أحصى عليه النقاد أخطاء أخرى تدل على عدم حفظه لمروياته فضعفوه، والله أعلم.

الجنس الثالث: علة نقص راوٍ أو زيادة راوٍ في الإسناد.

وتنشأ هذه العلة عند رواية بعض الرواة الحديث بإسناد فيه زيادة راوٍ، ثم يرويه البعض الآخر بنقص راوٍ، وهذا الجنس مشهور في كتب العلل، وهو من أخفى أجناس العلل ولا يدركه إلا الجهابذة، وأصل هذه العلة أن يكون للحديث طريقين في أحدهما زيادة راوٍ، والآخر فيه نقص في الإسناد، وقد ترجح الزيادة على النقص أو يرجح النقص على الزيادة وقد يجمع بين الطريقين على أنَّه رواه مرة بواسطة، ومرة من غير واسطة كل ذلك إذا كان للحديث مخرجاً واحداً، وإلا فلا يمكن الجمع مع اختلاف مخرج الحديث.


(١) أبو الحسن الدارقطني: العلل، (ج٤/ص٢٢٥ - ٢٢٦)، برقم السؤال (٥٢٥).
(٢) محمد بن دينار الأزدي ثم الطاحي، أبو بكر بن أبي الفرات البصري، صدوق تغير في آخره، وضعفه الدارقطني، أخرج له أبو داود والترمذي، تهذيب التهذيب (ج٩ /ص١٣٦ - ١٣٨).

<<  <   >  >>