قلتُ: والعلة التي أشار إليها الدارقطني هي: أنَّ هذا الحديث لا يثبت متنه ولا يصح مرفوع، بل ثبت أنَّهُ من قول مطرف بن عبدالله بن الشخير رضي الله عنه، وحُجَة الدارقطني في ذلك ضعف كل رواية مرفوعة في هذا المتن، وثبوتها موقوفة.
الجنس السابع: ما كان علته تغير بنقص في المتن بخلاف المحفوظ.
وتنشأ هذه العلة عندما يقع النقص في الرواية من الراوي بسبب الخطأ أو الوهم، وهي من أدق العلل، ولا يمكن أن يكتشف ذلك النقص إلا بمقارنة المرويَّات المختلفة في الحديث من طرق كثيرة حتى يتمكن الناظر فيها من إدراك النقص الذي حدث في هذه الرواية من عدمه والراجح فيه، وهي علة مشهورة في كتب العلل لا يكاد يخلو منها كتاب، وقد أعل الدارقطني بهذه العلة بعض الأحاديث نذكر بعضها على سبيل المثال:
المثال الأول: قال الإمام البرقاني: "وسئل - الدارقطني - عن حديث حميد عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: ((أَنَّ رَجُلاً أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ بِجِمَاعٍ، وَقَالَ: هَلَكْتُ ...)) (١). الحديث
فقال - الدارقطني -: يرويه الزهري، واختلف عنه، فرواه مالك بن أنس، واختلف عنه في متنه:
فرواه القعنبي، ومعن، وأصحاب الموطأ عن مالك، وقالوا فيه: أنَّ رجلاً أفطر في رمضان مبهماً. رواه حماد بن مسعدة، والوليد بن مسلم عن مالك فقالا فيه: أفطر بجماع، وكذلك رواه إبراهيم بن طهمان عن مالك، ورواه يحيى بن سعيد الأنصاري، وابن جريج وأبو أويس، وفليح بن سليمان، وعمر بن عثمان المخزومي، وعبدالله بن أبي بكر ويزيد بن عياض، وشبل بن عباد بهذا الإسناد.
(١) أخرجه الإمام أحمد على الوجه الناقص: في المسند، (ج٢/ص٢٧٣)، برقم (٧٦٧٨)، من طريق عبدالرزاق أنا بن جريج وبن بكر قال أنا بن جريج حدثني بن شهاب عن حميد بن عبدالرحمن أن أبا هريرة حدثه: ((أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ رَجُلًا أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً أَوْ يَصُومَ شَهْرَيْنِ أَوْ يُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا))، وهو حديث صحيح على شرط الشيحين.