للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقالوا فيه: أن رجلا أفطر في رمضان، كما قال أصحاب الموطأ عن مالك، وكذلك قال عمار بن مطر عن إبراهيم بن سعد، وكذلك قال أشهب بن عبد العزيز: عن الليث ابن سعد، ومالك عن الزهري، وقالوا كلهم في أحاديثهم: إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم خيره بين العتق، أو الصيام، أو الإطعام ورواه نعيم بن حماد عن ابن عيينة، فتابعهم على أن فطره كان مبهما وخالفهم في التخيير.

ورواه عن الزهري أكثر منهم عددا بهذا الإسناد، وقالوا فيه: أن فطره كان بجماع، وأنَّ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أمره أن يعتق، فإن لم يجد صام، فإن لم يستطع أطعم " (١)

قلتُ: والعلة التي أشار إليها الدارقطني هي: أنَّ جماعة من الرواة رووا هذا الحديث بلفظ: " أنَّ رجلاً أفطر في رمضان "، بدون بيان سبب الفطر، وهم من الثقات الأثبات

ورواه آخرون بلفظ: " أنَّ رجلاً أفطر في رمضان بجماع "، بزيادة سبب الفطر، ثم رجح الدارقطني الرواية التي فيها ذكر سبب الفطر، وحُجَّته في ذلك أنَّ الذين رووا الزيادة أكثر ممن رووا النقص، وهذه العلة لا تؤثر على الحديث الذي حدث به النَّقص، وإنِّما يكون هناك زيادة لم تذكر به، وقد يُرجح النقص على الزيادة وذلك تبعاً للقرائن والأدلة على صحة الزيادة أو النقص، والله أعلم.

المثال الثاني: قال الإمام البرقاني: " وسئل - الدارقطني -: عن حديث أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلاَ يَدْرِي أَصَلّى أَرْبَعَاً أَمْ ثَلاَثاً فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ ثُمَّ يُسَلِّمَ)) (٢).


(١) أبو الحسن الدارقطني: العلل (ج١٠/ص٢٢٣ - ٢٢٥)، سؤال رقم (١٩٨٨).
(٢) أخرجه الإمام أحمد على الوجه الناقص: في المسند، (ج٢/ص ٢٤١)، برقم (٧٢٨٤)، من طريق سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم: ((يَاتِي أَحَدَكُمُ الشَّيْطَانُ فَيَلْبِسُ عَلَيْهِ فِي صَلَاتِهِ فَلاَ يَدْرِي أَزَادَ أَمْ نَقَصَ فَإِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ))، وهو حديث صحيح على شرط الشيحين.

<<  <   >  >>