وكذلك نحو رواية بعضهم حيث صحّف، فقال:((نَهَى النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ التَحّير، أَرَادَ النَّجَشْ)). وكما روى آخر، فقال:((إنَّ أَبْغَضَ النَّاسِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ثَلاَثَةٌ: مُلْحِدٌ فِي الْحِرْفَةِ وَكَذَا وَكَذَا، أَرَادَ: مُلْحِداً فِي الْحَرَامِ)).
وكرواية الآخر، إذ قال:((نَهَى رسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُتَخَذْ الرُّوحَ عَرَضَاً أراد: الرُّوحَ غَرَضَاً. فهذه الجهة التي وصفنا من خطأ الإسناد، ومتن الحديث هي أظهر الجهتين خطأ، وعارفوه في الناس أكثر.
والجهة الأخرى: أن يروي نفر من حفاظ الناس حديثاً عن مثل الزهري، أو غيره من الأئمة بإسناد واحد ومتن واحد مجتمعون على روايته في الإسناد والمتن، لا يختلفون فيه في معنى، فيرويه آخر سواهم عمن حدث عنه النفر الذين وصفناهم بعينه، فيخالفهم في الإسناد أو يقلب المتن فيجعله بخلاف ما حكى مَنْ وصفنا من الحفاظ، دون الواحد المنفرد وإن كان حافظاً، على هذا المذهب رأينا أهل العلم بالحديث يحكمون في الحديث مثل شعبة وسفيان بن عيينة ويحيى بن سعيد وعبدالرحمن بن مهدي، وغيرهم من أئمة أهل العلم. وسنذكر من مذاهبهم وأقوالهم في حفظ الحفاظ، وخطأ المحدثين في الروايات ما يستدل به على تحقيق ما فسرت لك إن شاء الله " (١).
قلتُ: فوضح لنا صور المخالفة بين الواحد والجماعة، لا سيما الزيادة والنقص، فليس كل مخالفة تَدُلُ على علةٍ في الحديث، فقد تكون هناك مسوغات مقبولة للمخالفة كحدوث الاختلاف بالزيادة أو النقصان: كالاختلاف بين الوصل والإرسال، أو بين الرفع والوقف، ثم تساوي الفريقين في الرواية من جهة الضبط والعدد، وكان هذا الراوي الْمُختلف عليه إمامٌ واسع الرواية، فيُحتمل أن يكون هذا الحديث عنده من جميع هذه الوجوه؛ لأنَّهُ حافظ وشيوخه كثيرون فتكون هذه الروايَّات كلها صحيحة عنه.