للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الحافظ ابن حجر: "واشتهر عن جمع من العلماء القول بقبول الزيادة مطلقاً من غير تفصيل، ولا يتأتى ذلك على طريق المحدثين الذين يشترطون في الصحيح والحسن أن لا يكون شاذاً ثم يفسرون الشذوذ بمخالفة الثقة من هو أوثق منه، والمنقول عن أئمة المحدثين المتقدمين: كابن مهدي ويحيى القطان وأحمد وابن معين وابن المديني والبخاري وأبي زرعة وأبي حاتم والنسائي والدارقطني وغيرهم، اعتبار الترجيح فيما يتعلق بالزيادة وغيرها ولا يعرف عن أحد منهم إطلاق قبول الزيادة، وأعجب من ذلك إطلاق كثير من الشافعية القول بقبول زيادة الثقة مع أن نص الشافعي يدل على غير ذلك " (١).

قلتُ: وقصد الحافظ ابن حجر أنَّ حكم قبول زيادة الثقة عند النُّقاد المتقدمين ليست مطلقةٌ، كما فعل بعض المتأخرين، بل تكون تبعاً للقرائن التي تؤيد قبولها أو ردها، فيعتبر النُّقاد اختلاف الوجوه عن الشيخ دليل على اضطراب حفظه، إلا إذا قامت قرينة من غير الروايات عنه تُرَجِحُ أحد هذه الوجوه، فإذا وجدنا ما يدل على صحة أحد هذه الوجوه من دليل خارجي، غير روايات هذا الرجل حكمنا به، وإن لم نجد: نحكم بالاضطراب على هذه الرواية، وقد دل على خطئه هو مخالفته للرواة الثقات.

وقال العلامة المعلمي اليماني في التنكيل: " فالاضطراب الضار أن يكون الحديث حجة على أحد الوجهين مثلاً دون الآخر، ولا يتجه الجمع ولا الترجيح، أو يكثر الاضطراب ويشتد بحيث يدل أن الراوي مضطرب، الذي مدار الحديث عليه لم يضبط " (٢).

أولاً: نموذج المخالفة التي لا تؤثر على صحة الحديث ولا تُعِلَّه:

وكما ذكرنا من قبل أنَّ بعض الخلاف قد لا يؤثر على صحة الحديث، وبرهان ذلك ما قرره الدارقطني في حكمه على حديث عَلِيٍّ في حكم بول الغلام والجارية.


(١) الحافظ ابن حجر العسقلاني: نزهة النظر شرح نخبة الفكر (ص٤٩ - ٥٠).
(٢) المعلمي: التنكيل (ج٢/ص٧).

<<  <   >  >>