مسعود فيكون متصلا وهو تصرف صحيح؛ لأنَّ الأسانيد فيه إلى زهير وإلى إسرائيل أثبت من بقية الأسانيد، وإذا تقرر ذلك كانت دعوى الاضطراب في هذا الحديث منتفية؛ لأنَّ الاختلاف على الحفاظ في الحديث لا يوجب أن يكون مضطربا إلا بشرطين: أحدهما: استواء وجوه الاختلاف فمتى رجح أحد الأقوال قدم، ولا يعل الصحيح بالمرجوح، ثانيهما: مع الاستواء أن يتعذر الجمع على قواعد المحدثين ويغلب على الظن أن ذلك الحافظ لم يضبط ذلك الحديث بعينه فحينئذ يحكم على تلك الرواية وحدها بالاضطراب، ويتوقف عن الحكم بصحة ذلك الحديث لذلك وهنا يظهر عدم استواء وجوه الاختلاف على أبي إسحاق فيه؛ لأنَّ الروايات المختلفة عنه لا يخلو إسناد منها من مقال غير الطريقين المقدم ذكرهما عن زهير وعن إسرائيل، مع أنَّه يمكن رد أكثر الطرق إلى رواية زهير , والذي يظهر بعد ذلك تقديم رواية زهير؛ لأنَّ يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق قد تابع زهيراً، وقد رواه الطبراني في المعجم الكبير من رواية يحيى ابن أبي زائدة عن أبيه عن أبي إسحاق كرواية زهير، ورواه أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه من طريق ليث بن أبي سليم، عن عبدالرحمن بن الأسود، عن أبيه عن ابن مسعود كرواية زهير عن أبي إسحاق وليث، وإن كان ضعيف الحفظ فإنَّه يعتبر به ويستشهد فيعرف أنَّ له من رواية عبدالرحمن بن الأسود عن أبيه أصلاً، ثم إن ظاهر سياق زهير يشعر بأنَّ أبا إسحاق كان يرويه أولا عن أبي عبيدة عن أبيه، ثم رجع عن ذلك وصيره عن عبدالرحمن ابن الأسود عن أبيه، فهذا صريح في أن أبا إسحاق كان مستحضرا للسندين جميعا عند إرادة التحديث، ثم اختار طريق عبدالرحمن وأضرب عن طريق أبي عبيدة، فإمَّا أن يكون تذكر أنه لم يسمعه من أبي عبيدة أو كان سمعه منه وحدث به عنه ثم عَرف أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه فيكون الإسناد
منقطعا، فأعلمهم أن عنده فيه إسناداً متصلاً، أو كان حدث به عن أبي عبيدة مدلساً له ولم يكن سمعه منه، فإن قيل إذا كان أبو إسحاق مدلسا عندكم فلم تحكمون لطريق عبدالرحمن بن الأسود بالاتصال مع إمكان أن يكون دلسه عنه أيضاً، وقد صرح بذلك أبو أيوب سليمان بن داود الشاذكوني فيما حكاه الحاكم في علوم الحديث عنه قال: في قول أبي إسحاق ليس أبو عبيدة ذكره، ولكن عبدالرحمن عن أبيه ولم يقل حدثني عبدالرحمن،