في استطاعة المصنف أن يتحاشى هذا الحديث لضعفه وإيهامه ما لا يجوز شرعًا، إلى أحاديث أخرى ثابتة في الباب الذي ترجم له بـ «الدف والغناء في حفلات الزفاف»، وقد أوردت طائفة منها في كتابي "آداب الزفاف"(ص ١٠١ - ١٠٥)، فليراجعها من شاء.
الحديث التاسع عشر (ص ٥٢)
«عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس لابن آدم حق في سوى هذه الخصال: بيت يسكنه، وثوب يواري عورته، وجلف الخبز والماء. أخرجه الترمذي».
قلت: هذا حديث ضعيف السند منكر المتن، تفرد برفعه حريث بن السائب، وهو مختلف فيه رواه عن الحسن عن حمران عن عثمان به وخالفه الثقة، فقال أحمد في حريث هذا:
«روى حديثًا منكرًا عن الحسن عن حمران عن عثمان يعني هذا، وذكر أن قتادة خالفه فقال عن الحسن عن حمران عن رجل من أهل الكتاب. قال أحمد: ثنا روح ثنا سعيد يعني عن قتادة به».
قلت: فعاد الحديث إلى أنه من الإسرائيليات، التي تشبه الرقائق من الصوفيات، وأين هو من قول الله تبارك وتعالى في بعض المحكمات من الآيات:{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ، قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} فقد تفضل ربنا تبارك وتعالى على عباده المؤمنين، فجعل من الحق لهم أن يلبسوا ويتزينوا بما شاؤوا من أنواع الألبسة والزينة مما أباح لهم، كما جعل من الحق لهم أن يتمتعوا بما شاءوا من الطيبات من الرزق ولم يضيق عليهم في شيء من ذلك البتة، على خلاف هذا الحديث الإسرائيلي! وإن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم العملية الثابتة عنه لتناقضه أشد المناقضة، بل إنها