مصطلح وآخر، بين قول المحدث مثلًا «رواه البخاري» وقوله «رواه البخاري تعليقًا»(١) وقد يؤلف المخرج كتابًا أو يضع رسالة، يورد فيها ما شاء من الأحاديث وكثير منها ضعيف منكر أو موضوع لا يجوز روايته إلا مع بيان حاله، ثم هو يكتفي في كل ذلك بأن يقول في التخريج «رواه أبو داود وفلان» أو «رواه النسائي وفلان» دون أن يرجع إلى إسناده ويدرس أحوال رجاله وما قد يكون فيه من علة تقدح في ثبوته، كالانقطاع والتدليس والإرسال ونحوه، ومن العجيب أن الأستاذ الكتاني صنع هذا نفسه في كتابه، وهو يعلم أنه أستاذ مقتدى به، ينبغي أن يعلم طلابه التحفظ الدقيق في رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بدليل قوله صلى الله عليه وسلم:«كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع» رواه مسلم في مقدمة "الصحيح" بإسناد صحيح.
* * *
أعود الآن إلى صلب الموضوع، فأورد أهم الملاحظات بخطوط عريضة:
١ - أورد الأستاذ الكتاني أحاديث كثيرة واهية، سكت عنها، ولم يبين ضعفها، وبذلك يتوهم الطلاب صحتها، على أن بعضها مما ضعفه المصدر نفسه الذي عزا إليه الحديث، وهذا أبعد ما يكون عن الغاية من علم الحديث، وفي كلية الشريعة.
٢ - أطلق العزو للبخاري في بعض الأحاديث، فقال "رواه البخاري" وهي عنده معلَّقة، وبعضها مما لا يصح إسناده، وبذلك يتوهم القراء أنها صحيحة على شرط البخاري في "الصحيح" وليست الحال كذلك، وعكس ذلك في بعض آخر، فقال «رواه البخاري معلقًا» وهو عنده موصول!
(١) التخريج الأول معناه أن الحديث صحيح، والتخريج الآخر معناه أنه قد يكون صحيحًا، وقد يكون حسنًا، وقد يكون ضعيفًا لا يحتج به.