للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن المقرر في علم الحديث أن أحاديث "صحيح البخاري" تنقسم إلى قسمين:

الأول: هي التي يسندها البخاري إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أي يسوق أسانيدها متصلة منه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا القسم كله صحيح عند العلماء إلا أحرفًا يسيرة جدًّا وهم فيها بعض الرواة.

والآخر: هي التي يذكرها بدون إسناد متصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وله صور كثيرة لا مجال لذكرها الآن، وهذا القسم يسمى بالحديث المعلق، وقد اتفقوا أن فيه الصحيح والحسن والضعيف، ولا يمكن العلم بمعرفة رتبة هذا القسم من مجرد إيراد البخاري إياه في "صحيحه" بخلاف القسم الأول، اللهم إلا إذا صدر الحديث المعلق بصيغة الجزم مثل «قال وروى وذكر» ونحوها، فإنه يدل على أنه صحيح عنده، وإذا صدره بصيغة التمريض، مثل «رُوي» و «ذكر» ونحوهما، فإنه يدل على ضعفه عنده، على أن هذا ليس مضطردًا عنده، فكثيرًا ما يصدره بصيغة الجزم، ويكون ضعيفًا، وقد يصدره بصيغة التمريض وهو عنده صحيح لأسباب لا مجال لذكرها الآن، وقد أوردها الحافظ ابن حجر العقلاني في "مقدمة فتح الباري" فمن شاء الاطلاع عليها فليرجع إليه.

وإنما الطريق الوحيد لمعرفة ذلك الرجوع إلى سند الحديث الذي علقه البخاري، في كتب السنة الأخرى كالسنن وغيرها، فيدرس سنده ثم يعطى ما يستحقه من رتبة.

إذا عرفنا هذا، فإن كثيرًا من الناس ممن لا علم عندهم بهذا التفصيل في أحاديث البخاري يتوهم أن كل حديث فيه صحيح، وعلى ذلك فهو ينقل منه بعض الأحاديث المعلقة، ثم يعزوها إليه عزوًا مطلقًا، فيوهم الناس ما توهمه هو نفسه أن الحديث صحيح، وقد يكون ضعيفًا، فيخطئ ويكون سببًا لخطأ غيره، من أجل ذلك اتفق علماء الحديث على أنهم

<<  <   >  >>