ثم ذكر حديث «إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله».
قلت: الصواب في الحديث أنه في أخذ الأجر على الرقية بالقرآن كما ذهب إلى ذلك الحنفية، لا على تلاوته، ولا على تعليمه، وذلك للأمرين:
الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الحديث بمناسبة الرهط الذين أخذوا شاة على الرقية ثم كرهوا ذلك فقال لهم عليه السلام هذا الحديث. ولو أن المصنف ساق الحديث كما ورد في سببه لكان أصاب. فأستدرك ذلك عليه فأقول:
قال ابن عباس: إن نفرًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مروا بماء فيهم لديغ أو سليم، فعرض لهم رجل من أهل الماء. فقال: هل فيكم من راق؟ إن في الماء رجلًا لديغًا أو سليمًا، فانطلق رجل منهم، فقرأ بفاتحة الكتاب على شاء فبرأ، فجاء بالشاء إلى أصحابه، فكرهوا ذلك، وقالوا: أخذت على كتاب الله أجرًا، حق قدموا المدينة، فقالوا: يا رسول الله أخذ على كتاب الله أجرًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أحق ... » الحديث.
والآخر: أن هناك أحاديث عديدة صحيحة تنافي ما ترجم به المصنف للحديث، فإن لم يحمل على الرقية تعارض مع تلك الأحاديث وهذا مما لا يجوز عند أهل العلم، وقد جمعت طائفة طيبة من هذه الأحاديث وخرجتها في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" برقم (٢٥٦ - ٢٦٠) فأجتزئ هنا بذكر اثنين منها مع الإيجاز في التخريج فأقول:
الأول: عن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«من أخذ على تعليم القرآن قوسًا، قلده الله قوسًا من نار يوم القيامة».