فهذا خاص بضرب الدف والغناء بهذه الحال التي لن تتكرر، والترجمة أعم، فيخشى أن يتشبث بها بعض ذوي الأهواء، فيستدلون بها على الجواز مطلقًا فيضلون. وراجع "معالم السنن"(٤/ ٣٨٢).
تاسعًا - قال (ص ٥٢): «فضول الأموال حق للغير».
وذكر تحته حديث «ليس لابن آدم حق في سوى هذه الخصال ... ».
وهو مع كونه حديثًا منكرًا ضعيف الإسناد كما سبق بيانه (ص ٢٥) فلا يدل أن ما سوى الخصال المذكورة فيه من المال حق للغير تجب له، قال القاضي:
«وأراد بالحق ما وجب له من الله من غير تبعة في الآخرة ولا سؤال عنه، لأن هذه الخصال من الحقوق التي لا بد للنفس منها، وما سواها فمن الحظوظ المسئول عنها».
وإذا كان فضيلة الشيخ يرى ما ترجم به للحديث صوابًا، فهل قام هو نفسه بتحقيق هذا الحق للغير؟ !
عاشرًا - ثم قال (ص ٥٣): «لا حق لأحدنا في فضل مال».
ثم ذكر حديث أبي سعيد «بينما نحن في سفر إذا رجل على راحلة له، قال فجعل يصرف بصره يمينًا وشمالًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان معه فضل ظهر، فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل زاد فليعد به على من لا زاد له، وذكر من أصناف المال ما ذكر، حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل». رواه مسلم وأبو داود.
قلت: هذا لا يدل على ما ترجم له، بل هي أعم منه، وإنما يدل على أنه لا حق له في فضل مال إذا كان هناك من هو في حاجة ملحة إليه، فيجب حينئذ أن يخرج عن هذا الفضل إليه، وهذا من حقوق المال التي تجب لعارض، مثل قوله صلى الله عليه وسلم:«فكوا العاني، وأطعموا الجائع».