للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن يكون هو المحقق نفسه، لأنه ليس من العلماء بالحديث ولا حفظ عنده فيه ولا عناية له به. وإنما هو مفهرس فقط، وليس كل من قال «أخرج فلان» أو «روى فلان» صار من أهل الحديث!

وأما السبب في اكتشاف هذه الخطيئة، فله قصة مضحكة مبكية، يحسن ذكرها لما فيها من عبرة:

منذ بضع سنين جاءني أحد الخطباء في بعض مساجد دمشق ومن الوعاظ المتجولين، فذكر لي أنه ألف كتابًا، أورد فيه أحاديث انتقاها من كتب السنة، وأنه طلب من بعض الأغنياء المحسنين أن يساعده على طبع الكتاب، قال: فقال له ذلك المحسن: إذا كان الأستاذ ناصر الدين الألباني يوافق على طبعه فأنا أساعدك على ذلك. ثم طلب موافقتي، فأبيت حتى أطلع على الكتاب، فأرسله إلي. فلما تصفحته، وجدت فيه أشياء عجيبة مستنكرة، من ذلك أنه عزى قول عيسى هذا عليه السلام الذي رواه مالك بلاغًا إلى صحيح مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال

عيسى ... ! !

فلما رأيت هذا عجبت منه أشد العجب لتيقني بأن مثل هذا الحديث لا أصل له في "صحيح مسلم"، ولا في غيره من الكتب الستة اللهم إلا الجملة الأولى منه، فهي عند الترمذي من حديث ابن عمر بسند ضعيف كما بينته في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" رقم (٩٢٤) أو ما بعده.

فاتصلت به هاتفيًّا، وذكرت له رأيي في الكتاب، وما فيه من مآخذ وأخطاء، أشدها هذا العزو، ثم قلت له: فمن أين لك هذا، فسكت برهة، ثم قال: اصبر قليلًا حتى آتي بالكتاب، ثم هتف إلي

<<  <   >  >>