ولَمَّا كانت أحوال مَن مضى من هذه الأمة قريبة بيِّنة، وفِطَرهم سليمة حصَل لهم ما حصل.
أما نحن فإننا نختلف عنهم بأمرين:
الأول: لا مقارنة بين ما حصل في زماننا وما كان يحصل في أزمانهم، حيث كان ما يحصل في السابق من المعاصي شيء قليل بالنسبة لما يحصل اليوم، وكان ما يجري من العقوبات مناسباً لتلك الأحوال؛ أما اليوم فقد ولَجت على الأمة ظُلماتٌ هائلة لا كاشف لها إلا الوَلِيّ الحميد؛ وهذا مُوجِبُ سخطٍ عظيم وعقوبات تناسب الحال، نسأل الله لُطفه ودفع البلاء عنا وعن المسلمين.
الثاني: أنه بما أن الحكمة من تعجيل العقوبة رجوع العباد إلى ربهم بإقلاعهم عن مساخطه، وهذا – والله أعلم – في زماننا لا أثَر له، وقد تبين معنى عزلَ الناسِ اليومَ الملكَ سبحانه عن مُلكه وعن تصرفه فيه في وقتنا حيث لا ذكر له سبحانه أثناء حصول الآيات والكوارث، بل ينسبونها للطبيعة (١)!.
(١) وإنما جاء هذا العزل كثمرة ونتيجة لعزل الشريعة عن أهل الأرض!.