كالْعَلَقة، وأيقن الناسُ بالهلاك أو العذاب، وبات الناس تلك الليلة بين مُصَلٍّ، وتالٍ للقرآن، وراكع وساجد، وداع إلى الله عز وجل، ومُتنصِّل من ذنوبه ومستغفر وتائب).
قلت: بالنظر في هذا يُعلم أن الخوف لا ينتفي لِعِلِّة العلم بوقوع الْمَخُوف حيث خاف الناس هذا الخوف العظيم وفزعوا إلى ربهم، مع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أخبر بظهور هذه النار، فكذلك العلم بوقت الكسوف والخسوف لا يتنافى مع الخوف، مع التنبه للفارق بين ظهور النار وهو علم غيب محض لا يمكن العلم به إلا بالوحي وبين وقت حدوث الكسوف .. فهذا يُعلم بحساب سَيْر الشمس والقمر وليس هو من الغيب، والمراد هنا أن علّة عدم خوفنا ليس لمجرد علمنا بأوقات هذه الحوادث وأسبابها، وإنما لاختلاف قلوبنا عن السلف الذين ينتفعون بآيات التخويف حيث تُسْفِر عن آثار طيبة من التوبة والإنابة.
ثم قال الفاشاني: (ولَزِمَتْ النار مكانها، وتناقص تضاعفها ذلك، ولهبها، وصعد الفقيه والقاضي إلى الأمير يعظونه، فَطَرَح الْمَكْس [وهو مثل ما يُسمى: الجمرك، والضرائب]، وأعتق مماليكه كلهم وعبيده، وردّ علينا كل مالنا تحت يده وعلى غيرنا.
وبقيت تلك النار على حالها تلتهب التهاباً وهي كالجبل العظيم ارتفاعاً