ولا ريب أن مَن سَلَكَ هذا المسلك من أهل زماننا لَوْ عاصروا طوفانَ قومِ نوحٍ - عليه السلام -، وريحَ عاد، وقلْبَ ديار قوم لوط - عليه السلام -، وانفلاق البحر لموسى - عليه السلام -، وغرق فرعون وقومه .. وغير ذلك من آيات العذاب التي أخذ الله بها أعداءَه وأعداءَ رسله لقالوا عن ذلك كله مثل ما يقولونه اليوم في آيات رب العالمين، وهو الفناء مع الأسباب الطبيعية وحْدِها، وعزل مدبِّر الطبيعة وخالقها ومُسبب الأسباب ومقدرها سبحانه!، حتى وإن كان مَن حلَّت بهم عقوباتِ الإله العظيم في وقتنا قد زادوا على ما أتته الأمم المعذبة قبلهم!.
• من أحداث سنة (٦٥٦ هـ):
إن ما آلت إليه أحوالنا يُخشى من عواقبه، وإن سنن الله لا تتغير، وقد جرت أمورٌ عِظَام على مَن كان قبلنا مع عِظَم الفارق بيننا وبينهم، فليس ما أتوه من المعاصي مقارب لِمَا أتيناه لا بالكثرة ولا بالكيفية وقد سُلِّطَتْ عليهم الأعداء كما جرى على أهل بغداد من التتار سنة ستمائة وست وخمسين.
قال ابن كثير: (في هذه السنة أخَذَتِ التتارُ بغداد، وقتلوا أهلها حتى الخليفة، وانقضت دولة بني العباس فيها؛ وقد سُتِرَتْ بغداد ونُصبت فيها المجانيق والعرّادات وغيرها من آلات الممانعة التي لا ترد من قدر الله سبحانه