تواترت الأخبار بوقوع البلاء في أطراف البلاد، فذُكر عن بلاد القِرْم أمر هائل ومُوتان فيهم كثير، ثم ذكر أنه انتقل إلى بلاد الإفرنج حتى قيل إن أهل قبرص مات أكثرهم أو ما يقارب ذلك، وكذلك وقع بغزّة أمر عظيم، وقد جاءت مطالعة نائب غزة إلى نائب دمشق أنه مات من يوم عاشوراء إلى مثله من شهر صفر نحو من بضعة عشر ألفاً، ودعا الناس برفع الوباء عن البلاد، وذلك أن الناس لَمَّا بَلَغَهم من حلول هذا المرض في السواحل وغيرها من أرجاء البلاد يتوهمون ويخافون وقوعه بمدينة دمشق - حماها الله وسلّمها -، مع أنه قد مات جماعة من أهلها بهذا الداء، وكثر الموت في الناس بأمراض الطواعين، وزاد الأموات كل يوم على المائة، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وإذا وقع في أهل بيت لا يكاد يخرج منه حتى يموت أكثرهم، وقد توفي في هذه الأيام من هذا الشهر خلق كثير وجمّ غفير ولاسيما من النساء فإن الموت فيهن أكثر من الرجال بكثير كثير، وشرع الخطيب في القنوت بسائر الصلوات والدعاء برفع الوباء، وحصل للناس بذلك خضوع وخشوع وتضرع وإنابة، وكثرت الأموات جدًّا وزادوا على المائتين في كل يوم، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وتضاعف عدد الموتى، وتعطلت مصالح الناس، وتأخّرت الموتى عن إخراجهم، وَوَقَّف نائب السلطنة نعوشاً كثيرة في أرجاء البلد واتّسع الناس بذلك ولكن كَثُر الموتى، وخرج الناس إلى الجامع يتضرعون إلى الله