سور القلعة فنقبوه، واشتد حينئذٍ القتال، ومَن بها من المسلمين يرمون بكل ما يجدون من حجارة ونار وسهام، فغضب اللعين ورد أصحابه ذلك اليوم، وباكَرهم من الغد، فجدوا في القتال، وقد تعب مَن بالقلعة ونصبوا وجاءهم مالا قبل لهم به، فَقَهَرهم الكفار، ودخلوا القلعة، وقاتلهم المسلمون الذين فيها حتى قُتلوا عن آخرهم.
ودخل الكفار البلد فنهبوه، وقتلوا مَن وجدوا فيه، وأحاط بالمسلمين فأمر أصحابه أن يقتسموهم، فاقتسموهم وكان يوماً عظيماً من كثرة البكاء من الرجال والنساء والولدان.
وتفرقوا أيدي سبا، وتمزقوا كل ممزق، واقتسموا النساء أيضاً، وأصبحت بخارى خاوية على عروشها، كأن لَمْ تغنَ بالأمس، وارتكبوا من النساء العظيم والناس ينظرون ويبكون ولا يستطيعون أن يدفعوا عن أنفسهم شيئاً مما نزل بهم، فمنعهم مَن لم يرضَ بذلك واختار الموت على ذلك فقاتل حتى قتل؛ وممن فعل ذلك واختار أن يُقتل ولا يرى ما نزل بالمسلمين الفقيه الإمام ركن الدين إمام زاده وولده، فإنهما لَمَّا رأيا ما يفعل بالحرم قاتلا حتى قُتلا، وكذلك فعل القاضي صدر الدين خان، ومن استسلم أخذ أسيراً، وألقوا النارَ في البلد والمدارس والمساجد وعذبوا الناسَ بأنواع العذاب.