السنة وقع الطاعون العظيم الذي عَمَّ العراق والسواد والمجرَّة وسوق الشيوخ والبصرة والزبير والكويت وما حولها، وليس هذا مثلَ الوباء الذي قبله المسمى " العقاص "، بل هو الطاعون المعتاد - نعوذ بالله من غضبه وعقابه -.
وحل بهم الفناء العظيم الذي انقطع منه قبائل وحمائل، وخلَت من أهلها منازل، وإذا دخل في بيت لم يخرج منه وفيه عينٌ تطْرُف، وجَثَى الناس في بيوتهم لا يجدون مَن يدفنهم، وأموالهم عندهم ليس لها والي، وأنتنت البلدان من جِيَفِ الإنسان، وبقيت الدواب والأنعام سائبة في البلدان ليس عندها من يُعلفها ويسقيها حتى مات أكثرها، ومات بعض الأطفال عطشاً وجوعاً، وخرَّ أكثرهم في المساجد صريعاً لأن أهاليهم إذا أحسوا بالألم رمَوْهُم في المساجد رجاءَ أن يأتيهم مَن يُنقذهم فيموتون فيها لأنها لايُقام فيها جماعة.
وبقيَت البلدان خالية لا يأتي إليها أحد، وفيها من الأموال ما لا يُحصى عدّه إلا الله، فما كان في النصف من ذي الحجة من السنة المذكورة ارتفع بإذن الله تعالى) انتهى (١).