الآخر لمن أداه اجتهاده إليه, ومن حكم بأحد المذهبين نفذ حكمه, ولم يكن لغيره ممن ذهب إلى المذهب الآخر نقض حكمه. وكذلك ما اختلف التابعون فيه من الحوادث التي لا نص فيها, ولا قول لصحابي, على مذهبين.
ولا يُحكم بالحديث الضعيف السند مع وجود الحديث الصحيح السند إذا كان موجبهما يختلف, وليحكم بالحديث الصحيح. ولا يُنقض التأويل بالتأويل, وينقض التأويل بالنص, وبقول النبي صلى الله عليه وسلم.
ولا يحكم بين اثنين وهو غضبان, لما رواه عبدالملك بن عمير عن عبدالرحمن بن أبي بكرة عن أبيه, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان".
وإذا حكم في نازلة باجتهاد, ثم حدث مثلها ثانية, فاجتهد فيها فأداه اجتهاده إلى خلاف ما حكم فيه فيما مضى, قضى في الثانية بما أداه اجتهاده الثاني إليه, ولم ينقض حكمه الأول, كما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المشركة, أنه لم يشرك بين الإخوة للأبوين والإخوة للأم في عام, وشرك بينهم في عام ثان, فقيل له: إنك لم تشرك بينهم في العام الماضي, فقال: تلك على ما قضينا, وهذه على ما قضينا. وكذلك روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قضى بشيء ثم رجع إلى غيره ولم يرد القضاء الأول.
وينبغي للقاضي أن يقضي في موضع بارز للناس, لا يكون دونه حجاب, ولا يقضي إلا وهو شبعان ريان, كما جاء الحديث. وإذا عزم على الجلوس للحكم