لم يدع شيئا تتبعه نفسه إلا وأتاه قبل ذلك, ليحصل له سكون النفس والطبع, واجتماع الهمة, وحضور الفهم والعقل, لما يأتيه في الحكم, لكيلا يتعلق همه بغير ما هو بسبيله.
وليصل ركعتين, ويفزع إلى الله عز وجل بالمسألة والافتقار والرغبة إليه في تسديده وتوفيقه للصواب. ثم ينظر, فإن حدث به في خلال النظر مرض, أو جوع, أو نعاس, أو ضجر, أو ملالة, ترك النظر.
قال: وله عيادة المرض, وتشييع الجنائز, وقضاء الحقوق في التهاني والتعازي.
قال: ولا بأس أن يقضي القاضي في المساجد, فما زال الناس يقضون فيها, ولكن لا تقام فيها الحدود, وليكن جلوسه مستقبل القبلة.
وينبغي للقاضي أن يشاور أهل العلم وذوي الفهم والدين فيما ينزل به؛ قد كان محارب بن دثار مع فضله وعلمه إذا جلس للحكم كان الحكم عن يمينه, وحماد عن شماله, فكان ينظر إلى هذا مرة وإلى هذا مرة. ومتى التبس عليه أمر أخر الحكم فيه إلى أن يتضح له الحق فيمضيه. وليتق الله تعالى, ولا يحكم بجور مع العلم به ولا بجهل.
ولا يجوز قضاء جهمي, ولا قدري, ولا معتزلي, ولا ساب السلف من الروافض, ولا مرجئ, ولا أهل البدع المتظاهرين بأهوائهم المضلة وبدعهم, الدعاة إليها, ولا التقدم إليهم, ولا الشهادة عندهم. ولا تجوز ولا يتهم في إنكاح من لا ولي لها من الأيامى.
ولا يأخذ القاضي أجرا على القضاء إلا عند الحاجة إليه بقدر شغله من بيت المال, وقد روي عنه: أنه كره أن يأخذ القاضي أجرا على القضاء على حال. ولا يقبل الهدية ممن لم تجر العادة منه بمهاداته قبل ولايته.