ولا يحكم الحاكم بعلمه في الأظهر عنه. وقيل: يحكم بعلمه في الحقوق. ولا خلاف عنه أنه لا يحكم بعلمه في الحدود.
واختلف قوله في الحكم على الغائب على روايتين. أجازه في إحداهما, ومنع منه في الأخرى, إلا أن يحضر أو وكيله, وبهذا أقول.
قال: والقاضي مخير في الحكم بين أهل الذمة فيما يدعيه بعضهم على بعض إذا ارتفعوا إليه, فإن لم يختر النظر بينهم لم يحرج, وإن حكم بينهم فليحكم بحكم الإسلام. قال الله عز وجل: {فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط} [المائدة: ٤٢] يريد: بالعدل. ولو استعدى إليه بعضهم على بعض لم يلزمه استدعاء من لم يحضر منهم إلا أن يشاء النظر بينهم.
قال: فإن اختصموا إلينا في أعيان المحرمات, كالميتة والدم ولحم الخنزير والخمر, وما في معنى ذلك لم يعجبني أن أحكم بينهم في ذلك. قيل له فإن اختصموا في أثمانها؟ قال: يُحكم بينهم فيها.
فإذا اختصم إلى القاضي مسلم وذمي لزمه النظر بينهم. ولا فرق بين أن يكون الحق للمسلم أو للذمي.
ولو مات رجل وخلف ابنين مسلما ونصرانيا, وكل واحد منهما معترف بأخوة الآخر, فادعى المسلم أن أباه مات مسلما, وادعى الذمي أنه مات نصرانيا, ولا بينة على إسلامه, كان ميراثه لابنه النصراني مع يمينه, دون ابنه المسلم, لأن المسلم معترف بكفر أبيه مدَّع لإسلامه, فلا يقبل منه إلا ببينة.
وقد روي عنه رواية أخرى: أنهما في الدعوى سواء, فالميراث بينهما نصفين عند عدم بينة كل واحد منهما.
وكذلك لو أقام المسلم بينة أنه مات مسلما, وأقام الكافر بينة أنه مات كافرا