ويفتقر الناس إليه. فإذا تحمل الشهادة وتعينت عليه, لزمه إقامتها, ويأثم في كتمان ما يعلم منها كما يأثم في قول ما لا يعلم.
وشهادة الزور من الشرك, قال الله تعالى:{فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور}[الحج: ٣٠] وقال: {والذين لا يشهدون الزور}[الفرقان: ٧٢].
وروى شعبة بن عبيد الله بن أبي بكر عن أنس بن مالك, قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الكبائر فقال: "الإشراك بالله, وعقوق الوالدين, وقتل النفس, وشهادة الزور".
ومن شهد بشهادة ثم رجع عنها قبل الحكم بها لم يُعمل بها, ولم يكن على الشاهد شيء, ومن حكم بشهادته ثم رجع عنها لم ينقض الحكم, وأغرم الشاهد ما أتلف بشهادته إن كان مالا, وإن كان دما فقال الشهود: سهونا أو شبه علينا. أغرموا الدية في أموالهم دون عواقلهم. وإن قالوا: تعمدنا. اقتص منهم في النفس وفيما دونها, كذلك روى يحيى بن زكريا عن أشعث عن الحكم وحماد عن إبراهيم: أن رجلين شهدا عند علي رضي الله عنه على رجل أنه سرق فقطعه, ثم أتي برجل آخر فقالا: ليس الأول, ولكنه هذا. فأبطل شهادته على الآخر وضمنهما دية الأول.
قال أحمد: وذكر الشعبي عن علي في اللذين شهدا على رجل أنه سرق فقطعت يده, ثم رجعا, أي: أخطآ, قال: فقال علي: لو أعلم أنكما تعمدتما لقطعتكما. ثم أغرمهما الدية وتركهما.