اشتمل هذا الحديث على جمل من الفوائد والآداب التي لا يستغنى عنها أولها الظن وليس المراد التحذير من العمل بالظن الذي هو محل الاجتهاد ومناط الأحكام الشرعية غالبا وهو إدراك الحكم إدراكا راجحا عن دليل شرعي بل المراد التحذير من ظن السوء بالمسلم من غير دليل أو من الظن الذي يضر بالمظنون به ومصداق ذلك قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم} وقد استشكل وصف الظن بأنه أكذب الحديث مع أن تعمد الكذب الذي لا يستند إلى ظن أصلا أشد من الكذب الذي يستند إلى الظن وأجيب بأن اغترار صاحبه به أكثر فسوء أثره نفسه أعظم من سوء أثر الكذب الذي يتعمده وسوء أثره عند الناس أعظم أيضا لأن صاحبه قد يكون ممن لا يعهد الناس عليه كذبا فيصدقونه فتحدث العداوة والبغضاء بينهم وبين المظنون فيه
ثانيها التحسس والتجسس وفي ذكرهما بعد التحذير من الظن مناسبة لطيفة فقد يقول الظان أبحث لا تحقق فيقال له "ولا تجسسوا" ويستثنى من النهي عن التجسس ما لو تعين طرقا إلى إنقاذ نفس من الهلاك مثلا كأن يخبره ثقة بأن فلانا خلا بشخص ليقتله ظلما فيشرع في مثل هذه الصورة التجسس والبحث عن ذلك
ثالثها التناجش وقد مضى تفصيل حكمه في كتاب البيوع في مقرر السنة الثالثة الثانوية
رابعها التحاسد وظاهر الحديث النهي عن وقوع الحسد من الجانبين لكن النهي ليس مقصورا على وقوعه من اثنين فصاعدا بل هو مذموم ومنهي عنه ولو وقع من واحد سواء كان الدافع كراهية وجود النعمة عند الغير أو محبة انتقالها إلى الحاسد وسواء سعى في ذلك أو لا فإن