ومقتضى هذا النظام والانقياد أن لا يسبقوا قائدهم، فلا يحنوا ظهورهم إلا بعد أن يحني، ولا يرفعوا رؤسهم قبل أن يرفع.
بالتزام هذه الحدود والضوابط يتحقق الهدف الأكبر لصلاة الجماعة، ولهذا كثر أمر الرسول صلى الله عليه وسلم باتباع الإمام، فقال "إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا ... وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولا: ربنا لك الحمد ... ""إني إمامكم. فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام ... "
لكن العجلة طبيعة الإنسان {خلق الإنسان من عجل} والشيطان يجذبه إلى هذه الطبيعة في الصلاة، ليخرجه من الطاعة إلى المعصية، بعد أن يفقده ثواب الجماعة.
وكان صلى الله عليه وسلم يراقب من خلفه في صلاة الجماعة، فيقوم المعوج، ويصحح الخطأ، صلى رجل خلفه، فجعل يركع قبل أن يركع، ويرفع قبل أن يرفع فلما قضى صلاته حذره وعلمه، لكن كثرت أمثال هذه المخالفات، وكثرت معها النصائح وكان منها أن قال:"والذي نفس محمد بيده لو رأيتم ما رأيت [أي من إثم وعقوبة المخالف للإمام] لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا" ومع هذا التشديد والوعيد وجد المخالفون، فترقى بالوعيد، وارتفعت الشريعة بالتهديد بأن الذي يسبق الإمام في حركاته معرض لأن يجعل الله رأسه يوم القيامة رأس حمار، أو أن يجعل صورته وشكله وهيئته في شكل وهيئة حمار، ليكون ذلك علما له يوم القيامة، وعلامة على الغباء والبلادة، التي أصابته في الدنيا فلم يستمع للنصح، وأعرض عن تعليمات الدين القويم.
-[المباحث العربية]-
(أما يخشى أحدكم)"أما" بفتح الهمزة وتخفيف الميم، حرف استفتاح للتأكيد، مثل "ألا" وقد ورد بها "ألا يخشى" و"أو لا يخشى" بفتح الهمزة والواو، وفي روايتنا بأو، التي للشك في اللفظ الذي ورد "أما" أو "ألا" وأصل الهمزة للاستفهام دخلت على النفي "ما" أو "لا" والاستفهام للتوبيخ