كان قد دعا إلى استعمال السواك قبل اللقاء لإزالة مخلفات الفم، وإذا كان قد دعا إلى مس الطيب لتجميل الرائحة وتحسينها عند الاجتماع، فهو في هذا الحديث يدعو إلى تحسين الهيئة عند اللقاءات الكثيرة العدد، أو لقاءات ذوي الهيئات وأصحاب الجاه.
ومن المعلوم أن عامة المسلمين في صدر الإسلام لم يكن لهم ثياب متعددة وربما كان الواحد يغسل ثوبه، ويستتر بشيء ما حتى يجف ويلبسه، وكثيرا ما كان ثوب المهنة والعمل هو ثوب الجمعة والمناسبات لمن تعددت عنده الثياب مما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم "ما على أحدكم لو اتخذ ثوبين [أي إزارا ورداء] لجمعته سوى ثوبي مهنته" كما دعا من يروح إلى الجمعة أن يلبس أحسن ثيابه وخيرها.
وكان عمر رضي الله عنه حريصا على أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الناس لباسا، كما هو خيرهم في الإنسانية، فرأى -وهو خارج من المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم -رجلا يبيع ثيابا عند الباب، وفي يده حلة جميلة من الحرير فقال: يا رسول الله. لو اشتريت هذه الحلة الفاخرة فلبستها عند صلاة الجمعة، وعند لقائك بالوفود التي تأتيك من مختلف الجهات لكان خيرا ونظر الرسول صلى الله عليه وسلم للحلة فإذا هي من الحرير الخالص، والحرير في الإسلام محرم على الرجال، فقال لعمر: إنما يلبس هذه وأمثالها من حلل الحرير من لاحظ له ولا نصيب في الآخرة. فسكت عمر، ولعله لم يكن يعلم أن الحلة من الحرير الممنوع، أو لم يكن يعلم حكم لبس الحرير، أو لم يكن حرم الحرير على الرجال من قبل هذا اليوم. وبعد فترة من الزمن جاءت هدية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيها حلل مثل التي قيل فيها ما قيل، فوزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيها حلل مثل التي قيل فيها ما قيل، فوزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم على خاصة أصحابه ومنهم عمر. فقال عمر: يا رسول الله. هذه. مثل التي قلت عنها: إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة؟ فكيف تهديها إلي لألبسها؟ قال: ما أهديتها لك لتلبسها، وإنما لتلبسها نساءك أو بناتك، أو تهديها غيرك، فتنتفع بها بغير لبسك، فأهداها عمر أخا له كان بمكة مشركا.