(أحب الصلاة إلى الله) لفظ "أحب" بمعنى المحبوب أي أكثر ما يكون محبوبا من الصلاة واستعمال "أحب" بمعنى محبوب قليل لأن الغالب في أفعل التفضيل أن يكون بمعنى الفاعل ولعل ال في (الصلاة) للعهد والمقصود منها صلاة الليل لكيلا يقال إن داود لم يكن يصلي بالنهار
(كان ينام نصف الليل) هذا بيان لكيفية قيام داود المحبوبة
(ويصوم يوما ويفطر يوما) بيان لكيفية صيام داود المحبوبة
-[فقه الحديث]-
كان هذا النظام أحب إلى الله تعالى لأنه أخذ بالرفق على النفوس التي يخشى منها السآمة المؤدية إلى ترك العبادة والله يحب أن يوالي فضله ويديم إحسانه وإنما كان ذلك أرفق على العباد لأن النوم بعد القيام يريح البدن ويذهب ضرر السهر وذبول الجسم بخلاف السهر إلى الصباح وكان نظام داود هذا أحب إلى الله أيضا لأن فيه مصلحة هامة وهي استقبال الصبح وأذكار النهار بنشاط وإقبال ولأنه أقرب إلى عدم الرياء لأن من نام السدس الأخير أصبح ظاهر اللون سليم القوى فهو أقرب إلى أن يخفى نوم سدس الليل عمله الماضي على من يراه أشار إلى ذلك ابن دقيق العيد وقد اختلفوا في أفضل الأوقات لمن يرغب أن يصلي بعض الليل على قولين
أحدهما: أنه جوف الليل
والثاني: وقت السحر ليصل به فريضة الفجر
وكان نظام داود في الصيام أفضل لأن المكلف لم يتعبد بالصيام خاصة بل به وبالحج وبالسعي في الرزق وبالجهاد وغير ذلك فإذا استفرغ المرء جهده في الصوم خاصة انقطعت قوته وضعفت سائر العبادات ولكن إذا صام يوما وأفطر يوما كانت فيه قوة ومناعة واستطاع العمل